أما الخير المعنوي، فمصادره بعيدة عن ظاهر حياة الإنسان ـ أي: عن مباشرة الحواس، دون تكلف لتأمل، أو وساطة استبصار...
هذه المشكلة العويصة ألهبتْ فكر الإنسان منذ فجر الإنسانية، ورمته بين أنياب الصراع، تعتصره الهواجس، وتُحطِّمه الشكوك والظنون، وهو حائر حائر، لا يجد لنفسه دليلاً ولا مرشدًا.
فالأمر في الخير الحسّي أن العين ترى، والأذن تسمع، وبقية الحواس تشم أو تذوق، الخ... والغرائز تنفعل انفعالها التلقائي، دون توقف على إرادة أو فكر...
ليبقي أمر السودان كله عجبا، مثله مثل النموذج الخضري في التصرفات التي تبدو للعيان كأنها تخالف العقل والمنطق الطبيعي في كل شيء، رغم إنها تجري في الحقيقة، بأمر ربها الي نهايات ربما تكون سعيدة، تختلف في باطنها عن ظاهرها الموحش المخيف.
فالمقدور الكوني : إذا قدر الله عليك مكروهاً، فإنك رضيت أو ما رضيت، لا بد أن يقع.
المقالات
فمنذ أن أوحي سبحانه وتعالى لموسي عليه السلام بأن ثمة عبدا أعلم يقيم بمجمع البحرين، وأوحي إليه أن يأخذ معه في سفره حوتًا ميتًا، ستعود له الحياة في مكان ما يقيم هذا العبد، إنفتحت سيرة أرض من شأنها التقلب نوماً ويقظة، موتاً وحياة.
فهذا هو عون الشيطان على الإنسان، وهو عام في الناس حتى المعصومين، فإذا هو زيَّن لعل الشر يكمن في الخير لهم شيئاً لا يغلبهم على عمله، فما من إنسان إلا ويشعر في نفسه بوسوسة الشيطان، فإن لم يكن بالشرك فبالمعصية والإصرار عليها، والرياء في العبادة).
قَالَ: «نَعَمْ وفيهِ دَخَنٌ» قُلْتُ: وَمَا دَخَنُهً? فقَالَ:قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدييِ يُعْرَف منهُمُ ويُنْكَرُ...
وأعجبه من ذلك ما أعجبه ـ بحكم ما له من ميول وغرائز تنفعل تلقائياً بأثر الحواس ـ فكان هو الخير... وساء من ذلك ما ساءه ـ بحكم تلك الغرائز نفسها ـ فكان ما ساءه هو الشر.
الديوان » السودان » محمد المهدي المجذوب » المولد تمت الاضافة إلى المفضلة
فمن استقام مع إلهام روح الخير فيه، فهو المتقي... ومن استجاب لإيحاء غرائز الضعف فيه فهو الضال عن سواء التقوى...
وفي الآية من المعاني: أن مفهوم الآخرة ليس مقصوراً على دار الجزاء الأخروي بعد البعث، بل يشمل آخره بمعنى آخر، هي عالم الباطن الذي يغفل عنه الناس وهو حاضر معهم... آخره هي معدن خيرهم المعنوي ومصدره الذي تحدثنا عنه...
هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟ نعم أقرر لاحقاً